المحور الثالث : العلاقة مع الغير
الإشكالية :
ما هي العلاقة التي يمكن أن تربط الأنا بالغير ؟ و هل تتأسس العلاقة مع الغير على النبذ و الإقصاء و التهميش و العداء أم على الحوار و التسامح و المحبة و الإحترام ؟
المواقف الفلسفية :
أرسطو : تقوم العلاقة مع الغير على الصداقة كقيمة أخلاقية و مدنية ، و يميز أرطو بين ثلاثة أنواع من الصداقة : صداقة المتعة ، صداقة المنفعة و صداقة الفضيلة ، هذا الأخير هي الصداقة الحقة لأنها تقوم على محبة الخير و الجمال لذاته ، أولا ثم للأصدقاء ثانيا ، و لأن فيها أيضا تتحقق المتعة و المنفعة كنتيجتين و ليس كغايتين.
إيمانويل كانط : الصداقة في صورتها المثلى و القائمة على الواجب الأخلاقي الخالص ( أي التي لا تقوم على منافع مباشرة و متبادلة ) هي نموذج العلاقة الإنسانية التي ينبغي أن تجمع بين الأنا و الغير حيث يتبادلان نفس مشاعر الحب و الإحترام .
" إن الصداقة في صورتها المثلى ، هي إتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب و الإحترام ... إنها تمثل بالنسبة للإنسان واجبا"
أوغست كونت : يجب أن تقوم العلاقة مع الغير على أساس مفهوم الغيرية بإعتبارها نكرانا للذات و تضحية من أجل الغير ، فهي ما يمكن الإنسان من تجاوز أنانيته و مصالحه بهدف تهذيب الغرية البشرية لتحقق الإنسانية غاياتها الكبرى و تنتشر القيم العقلية الأخلاقية و يسود التضامن و التآزر و مشاعر التعاطف و المحبة بين الناس.
" تختزل النزعة الوضعية كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي أن يحيا الإنسان من أجل غيره ... "
جوليا كرستيڤا : تنتقد المفهوم السائد حول الغريب فهو ليس ذلك القادم من بعيد و الذي يهدد تماسك الجماعة و وحدتها ، تلك الوحدة التي ليست سوى غلافا سطحيا يغطي مجموعة من الإختلافات و التباينات ، فينبغي إذن ، أن يكون أساس علاقتنا بالآخر أيا كان هو لتفاهم و الحوار و التسامح بدل الإقصاء و التعصب و التهميش .
" الغريب يسكننا على نحو غريب . "
ألكسندر كوجيف :يبين العلاقة بين الوعي بالذات و الصراع مع الآخر ، و يعتمد في ذلك على فلسفة هيجل التي ترى أن الإنسان إما سيد الغير أو عبده ، فهو لا يخرج عن هذه العلاقة التفاضلية القائمة على الصراع من أجل نيل الإعتراف و فرض الهيمنة ، فتاريخ الإنسانية مو تاريخ صراع بين السيادة و العبودية و بالتالي فإن العلاقة مع الغير ليست قائمة على الصداقة و لا الشفقة ، و إنما على مبدأ الهيمنة .
" إذا كان الواقع البشري الذي ينكشف ليس في النهاية سوى التاريخ العام . فإن التاريخ ينبغي أن يكون تاريخ تفاعل السيادة و العبودية . "